أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة 14 يناير 2022م “القيم المجتمعية” ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 14 يناير 2022م : “القيم المجتمعية” ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ: 11 جمادي الآخرة 1443هـ – الموافق 14 يناير 2022م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 14 يناير 2022م ، للدكتور محروس حفظي : “القيم المجتمعية”.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 14 يناير 2022م ، للدكتور محروس حفظي : “القيم المجتمعية” ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 14 يناير 2022م ، للدكتور محروس حفظي : “القيم المجتمعية”، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة “القيم المجتمعية”، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:

 

(1) أهميةُ القيمِ المجتمعيةِ في حياتِنَا اليوميةِ .

(2) نماذجٌ مِن القيمِ المجتمعيةِ التي أَمَرَ بها الإسلامُ .

(3) القيمُ المجتمعيةُ بين النظريةِ والتطبيقِ .

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة «القيمُ المجتمعيةُ»، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:

الحمدُ للهِ حمدًا يوافِي نعمَهُ، ويكافىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أمّا بعدُ ،،،

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة

(1) أهميةُ القيمِ المجتمعيةِ في حياتِنَا اليوميةِ:

 إنّ القيمَ المجتمعيةَ منها ما هو فطريٌّ خُلِقَ الإنسانُ وجُبلَ عليه قال تعالى: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾، ومنها ما هو مكتسبٌ من العاداتِ والبيئةِ التي يعيشُ فيها الفردُ، ولذا يتفاوتُ الناسُ في تحصيلِ هذه الطباعِ، وامتلاكِ تلك الأخلاقِ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «أَلَا إِنَّ بَنِي آدَمَ خُلِقُوا عَلَى طَبَقَاتٍ شَتَّى، أَلَا وَإِنَّ مِنْهُمُ البَطِيءَ الغَضَبِ سَرِيعَ الفَيْءِ، وَمِنْهُمْ سَرِيعُ الغَضَبِ سَرِيعُ الفَيْءِ، فَتِلْكَ بِتِلْكَ، أَلَا وَإِنَّ مِنْهُمْ سَرِيعَ الغَضَبِ بَطِيءَ الفَيْءِ، أَلَا وَخَيْرُهُمْ بَطِيءُ الغَضَبِ سَرِيعُ الفَيْءِ، أَلَا وَشَرُّهُمْ سَرِيعُ الغَضَبِ بَطِيءُ الفَيْءِ، أَلَا وَإِنَّ الغَضَبَ جَمْرَةٌ فِي قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، أَمَا رَأَيْتُمْ إِلَى حُمْرَةِ عَيْنَيْهِ وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ، فَمَنْ أَحَسَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَلْصَقْ بِالأَرْضِ» . (الترمذي وحسنه) .

كما أنّ القيمَ تحفظُ على المجتمعاتِ أمنَهُم واستقرارَهُم، وتبعثُ الطمأنينةَ والراحةَ، وتُشعِرُ الإنسانَ بالثقةِ؛ لأنّها ترتبطُ ارتباطًا وثيقًا بالضميرِ، ومراقبةِ العليمِ الخبيرِ فعَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ فَقَالَ: «الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ» (مسلم)، فالقيمُ تشكلُ شخصيةَ الإنسانِ، وتبنِي وعيَهُ، وتوجهُ فكرَهُ وعقلَهُ، وتجعلُهُ متزنًا في أقوالِهِ وأفعالِهِ؛ إذ يشعرُ بتحملِ الواجِبِ والمسؤوليةِ تجاهَ خالقِهِ عزَّ وجلَّ، وتجاهَ نفسِهِ، والمجتمعِ الذي يعيشُ فيه، كما تجعلُ الإنسانَ دائمَ الإحساسِ والرضا والقبولِ بحالِهِ، وتُكسبُهُ الصبرَ، وعدمَ السخطِ والجزعِ بما يصيرُ إليه وضعُهُ ومآلُهُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» . (مسلم) .

كما تعملُ القيمُ على التقريبِ بينَ البشرِ جميعًا من خلالِ ترسيخِ قيمِ الاحترامِ المتبادلِ، حيثُ تتفقُ الإنسانيةُ على حزمةٍ من القيمِ والقواسمِ المشتركةِ التي لا يستطيعُ أحدٌ إنكارَهَا أو التفلتَ منها كالرحمةِ، ومساعدةِ الآخرين، ومدِّ يدِ العونِ للمحتاجين، وفي هذا حمايةٌ لها من الوقوعِ في الزللِ والخطأِ، حيثُ تشكلُ هذه القيمُ درعًا واقيًا للأفرادِ والمجتمعاتِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ»(أحمد).

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة

(2) نماذجٌ من القيمِ المجتمعيةِ التي أمرَ بها الإسلامُ:

 المستقرءُ للنصوصِ القرآنيةِ والأحاديثِ النبويةِ يجدُ أنّ القيمَ المجتمعيةَ التي أمرَ بها دينُنَا لا يحدُّهَا الحصرُ ولا يحصيهَا العدُّ، لكنْ قدْ يجمعُهَا قولُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ مرفوعًا: «مَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّءٌ» (الحاكم وصححه ووافقه الذهبي)، ومِن القيمِ المجتمعيةِ التي حثَّنَا عليها الشرعُ الحنيفُ: برُّ الوالدينِ، الإنفاقُ، الصِّدقُ، الوفاءُ، إِعمارُ الأرضِ، إتقانُ العملِ، العدلُ والإنصافُ، الصبرُ، ومحبةُ الخيرِ للناسِ وغيرُ ذلك مما تحتويه مأدبَةُ القرآنِ الكريمِ وسنةِ النبيِّ الأمينِ، وصدقَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حيث قال: «فَعَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ; فَإِنَّهُ مَأْدُبَةُ اللَّهِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَأْدُبَةِ اللَّهِ فَلْيَفْعَلْ، فَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ» (رِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ) .

ومِن أجمعِ القيمِ المجتمعيةِ التي حثّنَا عليها الإسلامُ «خلقُ الاحترامِ»، الذي شملَ حركةَ الحياةِ كلِّهَا حتى الجماداتِ والحيواناتِ، وعلى رأسِ ذلك كلِّهِ الإنسانُ، فأوجبَ احترامَهُ، وحرمَ الاعتداءَ على عقلِهِ، أو عرضِهِ أو مالِهِ، أو إجبارِهِ على اعتناقِ دينٍ مُعيّنٍ، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾، واحترمَ خصوصيتَهُ فنهَى عن تتبعِ عوراتِهِ الماديةِ والمعنويةِ فعن أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ» (أحمد وأبو داود)، ونهَى عن احتقارِهِ أو التقليلِ من شأنِهِ أو ذمِّهِ بأيِّ وسيلةٍ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا – وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ – بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» (مسلم) .

فما أحوجَنَا في هذا العصرِ إلى  بثِّ ونشرِ هذه القيمِ، وغرسِهَا في نفوسِ أولادِنَا منذُ نعومةِ أظفارِهِم، فينشأُ الولدُ وهو يوقرُ الكبيرَ، ويحترمُ الصغيرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا» (الترمذي وحسنه)، وما أحوجَ المسلمَ أيضًا إلى أنْ يحترمَ كلَّ متخصصٍ في تخصصهِ العلميِّ فلا يتعدَّى حدودَهُ، ولا يتجاوز مجالَهُ مصداقًا لقولِهِ تعالى: ﴿فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾، وإلا ترتبَ على ذلك سوءُ الفهمِ للنصوصِ، ومجافاةُ مقاصدهَا، وصدقَ ابنُ حجرٍ العسقلانيِّ حينمَا قال: «إِذَا تَكَلَّمَ الْمَرْءُ فِي غَيْرِ فَنِّهِ أَتَى بِهَذِهِ الْعَجَائِبِ»، وهذا من شأنِهِ أنْ يجلبَ على المجتمعِ بلبلةَ الأفكارِ، وعدمَ الاستقرارِ، ولهذا شرعَ نبيُّنَا التخصصَ، فنبَّهَ أنّ كلّ صحابيٍّ قد برعَ في علمٍ معينٍ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالحَلَالِ وَالحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ» (ابن ماجه، ابن حبان) .

ومِن القيمِ المجتمعيةِ التي أمرَنَا بها دينُنَا «التثبتُ من الأخبارِ والشائعاتِ قبل ترديدِهَا»، وقد أرشدَنَا القرآنُ إلى هذا الأدبِ وتلك القيمةِ في «سورةِ الحجراتِ» في قولِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾، ولا شكَّ أنّ الاتصافَ بهذا الأدبِ فيه صيانةٌ للمجتمعاتِ مما يخلخلُ رابطتَهَا، ويوهِنُ من صلاتِهَا، ويُضعِفُ من متانةِ ووحدةِ صفِّهَا؛ ولذا توعدَ اللهُ هؤلاءِ الذين ينشرون الأخبارَ الكاذبةَ والشائعاتِ المغرضةَ فقال تعالى: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاَّ قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً﴾، فالتعقُّلُ والتثبتُ في الأمرِ، وعدمُ التعجلِ في الحكمِ على الأشياءِ من صفاتِ أهلِ الإيمانِ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ: «إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ» . (مسلم) .

ومِن القيمِ المجتمعيةِ «الإحساسُ بالآخرين، وتلمسُ الأعذارِ»، فمراعاةُ مشاعرِ الناسِ وأحاسيسِهِم يزيدُ في الودِّ، ويؤلفُ بينَ القلوبِ، وينشرُ السلامَ والطمأنينةَ في المجتمعِ، فقد لا ينسَى أحدُنَا موقفًا لشخصٍ مَا راعَى فيه مشاعرَهُ، وشاركَهُ أفراحَهُ وأحزانَهُ، فحِينَ «تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ: وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرَ، فَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنُّونِي بِالتَّوْبَةِ يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ، حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا بِرَسُولِ اللَّهِ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ، حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ، لَا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ» (البخاري)، وقال عطاءُ بنُ رباحٍ: “إنَّ الرجلَ ليُحدَّثَنِي بالحديثِ فأُنصِتُ لهُ كأن لم أسمعْهُ قطّ، وقد سمعتُه قبلَ أنْ يولدَ” ، كلُّ ذلك مراعاةً للمشاعرَ وحفظاً لماءِ الوجهِ!!، ومما حثَّنَا عليه رسولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ نشعرَ بآلامِ الآخرين، وأنْ نسارعَ في قضاءِ مصالحهِم ومساعدتِهم دونَ أنْ نُعَرِّضَهُم إلى المسألةِ التي تجرحُ مشاعرَهُم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ، قَالَ: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ»، قَالَ: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ(مسلم).

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة

(3) القيمُ المجتمعيةُ بينَ النظريةِ والتطبيقِ:

 إنّ هذه القيمَ وتلك الأخلاقَ كانتْ مغروسةً في نفوسِ الصحابةِ قولًا وعملًا، سلوكًا وطبعًا، فحُقَّ لهم أنْ يكونَ خيرَ جيلٍ على الإطلاقِ، وبهذه القيمِ المجتمعيةِ سادُوا الأُممَ، وأصلحُوا الحياةَ، ونشرُوا الإسلامَ في ربوعِ المعمورةِ، فلم يحفَلْ تاريخٌ بخيرةٍ وعظماءٍ زكَّى اللهُ نفوسَهُم، وطهَّرَ قلوبَهُم مثلَمَا حفَلَ به تاريخُنَا، فلِمَ تعمَى الأبصارُ عنهم؟! ، وهذه القيمُ تستمدُ أولُ ما تستمدُ من الأسرةِ التي تتشكلُ بها النواةُ الأولى لسلوكياتِ الأطفالِ، فالمزرعَةُ الأولَى لبناءِ القيمِ أسرةٌ يقودُهَا أبوانِ صالحانِ، يتعلَّمُ الولدُ في البيتِ القيَمَ ويمتثِلُهَا، يمارسُ الفضيلةَ، وينأىَ بنفسِهِ عن الرذيلةِ، ويؤكدُ علماءُ الإجتماعِ أنّ الطفلَ تتشكلُ قيمُهُ وأخلاقُهُ بنسبةِ 80% داخلَ الأسرةِ، وصدقَ رسولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث قَالَ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ» (متفق عليه)، ثم تبدأُ المدرسةُ بتعزيزِ هذه القيمِ وتشكيلِهَا مِن خلالِ التحصيلِ العلميِّ، وعن طريقِ الأصدقاءِ داخلِ المؤسسةِ التعليميةِ، وتشاركُ أيضًا وسائلُ الإعلامِ في تنميةِ هذه القيمِ وتقويتِهَا، نحنُ نملكُ من الفضائلِ والقيمِ ما لو أحسنَّا عرضَهَا وتطبيقَهَا في حياتِنَا لكان لنا السموُّ والرِّيادةُ، فالقيمُ هي تدفعُ المسلمَ – رغمَ قلةِ ذاتِ اليدِ – إلى إغاثةِ الملهوفِ، وإعطاءِ المحرومِ، وتجعلُ الإنسانَ يمتنعُ عن قبولِ الرشوةِ، وأكلِ الحرامِ، وتجعلُ المرأةَ تحفظُ نفسَهَا ومالَ زوجِهَا وولدِهَا رغمَ تقلبِ الفتنِ، وتعاقبِ المغرياتِ، أمّا إذا غلبتْ النزعةُ الماديةُ، وتجاهلتْ الأفرادُ والمجتمعاتُ القيمَ الإيمانيةَ، والأعرافَ والتقاليدَ المجتمعيةَ، فهذا بلا شكٍ يُحَوِّلُ حياتَهُم إلى حالةٍ من الفوضَى والعبثِ، ويقتلُ فيهم روحَ المسؤوليةِ والفضيلةِ، وقد حفلَ القرآنُ الكريمُ بذكرِ النماذجِ التي لا تُحصَى لهذه الحضاراتِ التي لم يُكتَبْ لها البقاءُ طويلًا رغمَ ما كانتْ تمتلكُهُ من وسائلَ ماديةٍ، ومقوماتٍ طبيعيةٍ، لكنّها جعلتْ القيمَ والمبادىءَ خلفَ ظهرِهَا، فكان عقابُهَا الاندثارَ والخسرانَ والبوارَ، وصدقَ اللهُ حيثُ قال: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ مَا كانُوا يَكْسِبُونَ * فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ﴾، وصدقَ أحمدُ شوقي:

                إِنَّمَا الأممُ الأخلاقُ ما بقيتْ … فإنْ همُ ذهبتْ أخلاقُهُم ذَهَبُوا

نسألُ اللهَ أنْ يحسنَ أخلاقَنَا، ويوسعَ أرزاقَنَا، وأنْ يجعلَ بلدِنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ يستعملَنَا في خدمةِ دينِنَا ووطنِنَا، وأنْ يوفقَ ولاةَ أُمورِنَا لما فيه نفع البلادِ والعبادِ .

كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر

 

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »